ففي سنة 27 ق.م. غاص أحد أجدادي في حمأة طينية عميقة، ولم يكن بوسع أحدهم أن ينقذه. لم نجد حبلًا ولا قطعة خشب نمدُّها إليه. كذلك لم يكن لدى الكبار ما يكفي من النخوة والشجاعة، كي يخاطروا، ويمدُّوا أيديهم إليه. غاص جسده كله، وبقي رأسه طافيًا فوق الوحل. عيناه جاحظتان، ولونه أربد، ولسانه يتلجلج بكلمات وأناتٍ غامضة. هل سمع الباقون ما سمعت؟ كان واضحًا أنه يتّهم أخاه. بل رنَّت في أذني هذه العبارة المتلجلجة.. "قتلني أخي". لم يهتمّ أحد بما قال، وانشغل الأجداد الآخرون بإقامة بعض الطقوس. رُمي أمام وجهه المزرق رغيف من الخبز، وقطعة من اللحم المقدد، وبصلة بيضاء، وتميمة خشبيَّة، ثم أشعلوا فتيلًا مبلَّلًا بالزيت، وغرسوه بالأرض. تلت ذلك بعض الدمدمات الدينية، التي كانت تغطي حشرجات الجد الغارق، وتخمدها. انتهت الطقوس وتابعنا السير..