إن حالة عدم الاستقرار والاضطراب السياسي التي شهدتها سورية منذ أواخر الأربعينيات وحتى مطلع السبعينيات، وما جرى من أحداث بعد ذلك، إنّما يؤشر إلى صراع دولي محتدم على سورية كانت القوى العالمية ووكلاؤها الإقليميون أطرافاً له ولاعبين على مسرحها، ولعلنا نقفز إلى استنتاج أوّلي وبديهي مؤداه أنّ هذا الصراع لا بدّ أنه يخفي الأهمية التي توليها هذه القوى لسورية موقعاً وتأثيراً، كونها تقع على تخوم الأناضول، وبوابة العراق والأردن، والخليج العربي بل وإيران إلى البحر المتوسط، والمعبر الإلزامي لخطوط نقل النفط والغاز إلى هذا البحر الصغير بمساحته الكبير بأهميته التي تتعدّى الموقع لتصل إلى التأثير الثقافي والإنساني بالمحيط حوله، والشواهد كثيرة وعديدة في هذا الخصوص. وإذا كان هذا التأثير قد خفت فيما بعد بتأثير المدّ الناصري ثم بانتقال مراكز الثقل السياسي شرقاً بتأثير تداعيات الثروة النفطية، إلّا أنّ الشواهد أثبتت عبر أمثلة عديدة أهمية الكيان السوري في تشكيل وضع المنطقة سياسياً وفكرياً.