درس هذا الكتاب العلاقة بين الفن والميتافيزيقا في فلسفة شوبنهاور. وليست الغاية هنا تبيان أن فلسفة شوبنهاور الجمالية قد بنيت على مبادئ أو أسس مذهبه الميتافيزيقي، وإنما الهدف الاساسي الذي يبغي أن يكون موضع الاهتمام هو ذلك السؤال: هل نجحت هذه الأسس الميتافيزيقية في تفسير طبيعة الفن في علاقته بالموجود، أي بوصفه، ظاهرة ذات بعد ميتافيزيقي؟ وإذا كان الطابع الميتافيزيقي قد صبغ علم الجمال الألماني منذ كانط وحتى هيجل وشوبنهاور، حيث كان علم الجمال عندهم ميتافيزيقيا أي تابعاً لأسس مذاهبهم الميتافيزيقية، فإن مساهمة شوبنهاور، الذي رأى في الخبرة الجمالية تأملاً خالصاً خالياً من الإرادة للمُثُل الأفلاطونية الخالدة، وفي الفن خلاصاً فنياً من عبودية الإرادة وأسر المكان والزمان والعلية، لم تكن مقتصرة على ربط فلسفته الجمالية بسياق مذهبه الميتافيزيقي، وإنما على تأسيس "ميتافيزيقا الفن" أو "ميتافيزيقا علم الجمال".