هل هناك شروط ثابتة إذا تخلّفت فليس لنا أن نتوقّع قيام ثقافة راقية؟ هذا هو السؤال الأساسي الذي يطرحه ت.س. إليوت، كأساس لأطروحات هذا الكتاب. فيقول: إذا نجحنا، ولو بعض النجاح، في الإجابة عن هذا السؤال، فيجب أن نحترس من وَهم محاولة اصطناع هذه الشروط من أجل ترقية ثقافتنا. . فالثقافة هي الشيء الوحيد الذي لا يمكننا السعي إليه عن عمد، إذ هي نتاج مناشط شَتّى على قدرٍ من الانسجام، يزاوَلُ كلّ منها كغاية في ذاته: يعكف الرسّام على لوحته، والمبدع، موسيقياً كان أم شاعراًم كاتباً، على إبداعه، وحتى موظف الدولة على إيجاد حل عادل لمشكلة ترد إلى مكتبه..... يرى إليوت أن الدين والتقسيم الطبقي للمجتمع من أهم مكوّنات الثقافة، لكن على ألا يكون ذلك مصطنَعاً أو مرسوماً، أو مفروضاً، من سلطة مطلقة، بل على قاعدة الاعتراف بأن هذه المكوّنات "طبيعيّة" .. فمحاولات إصلاح الثقافة وفق تصوّر أو خطّة سيؤدي إن أصلَحَ في مكان إلى إفساد في مكان آخر.