لماذا هذه المذكرات الآن وقد مضى عليها مئة سنة؟ فقط لنذكر بأن ما ينعم به أبناء لبنان من حرية وعزة وسؤدد إنما هو بفضل نضالات وتفاني لبنانيين كبشارة جرجس البواري وأمثاله. ومن الطبيعي في درب النضال وباسمه أن يوجد بعض الطفيليين والفريسين السماسرة وتجار الهيكل، لصوص يتربصون متحينين الفرص للاستفادة، ومد يدهم إلى ما ليس لهم، وأبناؤهم وأحفادهم صاروا حكاماً ونواباً ووزراء. كي لا ننسى نضالات من سبقونا، ومن أرسوا أسس وطن وكيان، والبواري واحد من هؤلاء. فلولا جهوده ورفاقه قبل مئة عام وتضحياتهم ومساعداتهم للناس لما كان لهم أحفاد يقرأون هذه المذكرات الآن. البواري ويوسف كرم وبولس عقل ورفاقهم ممن تنكبوا مسؤولية إيصال المساعدات لم يسْعوا إلى مجد ولا إلى دعاية، ناضلوا (وحبل المشنقة في مخيلتهم) بصمت من دون ضجيج، بتواضع وتفانٍ والمبادرة عن قناعات مبدئية، من دون تعريض...