كاد التحليل النفسي أن ينطفئ لولا ظهور جاك لاكان في أوائل الخمسينات. تلامذة فرويد كانوا لا يزالون تحت تأثير سلطة ونفوذ المعلم الأكبر، مما جعلهم يبتعدون عن كل قدرة في الاستنباط والإبداع، فوقعوا فريسة ما يسمى بالأنا الأعلى التحليلي، ولم يبق لهم سوى التقليد مما أفرغ العمل التحليلي من قوته الخلاقة وديناميكيته الناجعة فأصبح هيكلية نظرية. من هذا المنطلق اعتبر لاكان أن العودة إلى فرويد هي السبيل الوحيد لتصحيح المسار التحليلي، لأن التحليل النفسي يتخطى فضيلته العلاجية، لكي يطال كل نشاط فكري في أي حقل وُجد. يبقى نموذج فرويد في مساره السبيل الوحيد لكل من اتبعه أن يكتشف الحقائق التي توصل إليها . الحقيقة ليست مطلقة إنما بالدرجة الأولى هي حقيقة ذاتية تكمن في اللاوعي بحكم المكبوت. وإن غابت عن الوعي فهي تستمر بالتحكم بتصرفات ومسلك الإنسان، وتفرز العوارض المرضية....