عندما نعرف عن انشغال العرب غير المسبوق، حتى اليوم هذا، بالتسمية؛ بوضع اسم لكل حالة من حالات الأشياء كلها، كلها على الإطلاق، مثل تفصيلهم في أوائل الأشياء وأواخرها، وفي الطول والقصر، وفي اليُبْس واللين، وفي القلة والكثرة، وفي الملء والامتلاء والصفورة والخلاء، وفي الشيء بين الشيئين، وفي الأصول والرؤوس والأعضاء والأطراف وأوصافها وما يتولد منها وما يتصل بها ويذكر معها، مثل حدة اللسان وعيوب الكلام ومعايب الفم، معرفتنا بهذا الانشغال، بالإضافة إلى انشغالهم بإيجاز البيان، يجعلنا نُعيد النظر في الآراء السائدة، برمتها، بخصوص الحضارة العربية، آراء القدماء والمعاصرين على حد سواء، أمثال نيقولا ريشر (Nicholas Rescher) ودي بور (De Boer) وأمثال المقريزي وابن خلدون ومحمد عابد الجابري.