يحتل يوحنا المعمدان مرتبة سامية في الكتاب المقدس، فهو حلقة الوصل بين العهدين القديم والجديد ولا يزال حضوره الساطع يملأ جميع الكنائس والمتاحف بالأعمال والصور التي تمثل مراحل حياته. وقد اختارته مدن عديدة - منها كيبك وفلورنسا وتورينو - شفيعاً لها. في الإرث المسيحي، يتجلّى هذا النبي بوصفه «السابق» للمسيح، والشاهد عليه ، ومعمّده وبمعمودية السيّد، يكتمل البر ويُعلن للملأ أنه ابن الله الحبيب. على أن ما نعرفه عن المعمدان قليل. لذلك يستعيد هذا الكتاب فصول حياة يوحنا ابن البريّة والقفار، عبر ما ورد عنها في الأناجيل والمصادر التاريخية، وفي شتّى تجلياتها في الأدب والفن والمخيلة، مشيراً إلى ما يمكن أن يكون الجماعة قمران من تأثير على دعوته وتميز مفهومه للعماد، متعمقاً في معاني رسالته وعلاقته بيسوع، منكباً على لغز موته المأساوي الذي حبك خيوطه كيد هيرودية وإغواء سالومة. يوحنا المعمدان شخصية قوية الإيحاء وحامل البشرى السارة. تحدّى صوته الصارخ في البريّة غياهب النسيان ولا يزال صداه يتردّد في أفئدة السامعين....