بعد أن استولت دول الحلفاء على أقاليم الإمبراطورية العثمانية الآفلة في المنطقة العربية، رسمت لها حدوداً داخلية لتجعل منها سجوناً تحيط بشعوبها وتفصلهم بعضهم عن بعض، فتحدّ من انتقالهم وتطورهم وتكرس مبدأ السيادة والاستقلال الوهمي فيما بينهم، وقامت بسلخ أقاليم منها لتضمها إلى دول أُخرى، وأبقت على مناطق ضبابية التبعية لتخلق فيها حالة نزاع دائم، تاركة حكاماً تم تعيينهم وتسميتهم من قبلها، ينوبون عنها في تكريس الحدود ويمنعون تحقيق الوحدة بين دولهم. فالاحتلال الفرنسي قسم سورية وفق أسس طائفية إلى ست دويلات مستقلة، كما عمل على تجزئة المجتمع السوري إلى طوائف ومذاهب ليبقى في حالة صراع وانقسام دائمين، ومنح لواء الإسكندرون إلى تركيا، فصرّح بعض من زعمائها الوطنيين: قرية مستقلة خير من بلاد واسعة مستبدة – خسرنا لواء الإسكندرون ولم نخسر حق المطالبة به. كما قام...