أمام ما يحدث لابن خلدون، اعترت نفسه حالة أسماها تدقيقاً سكر الافتتان. مفتون هو بها وبما يحيط بها، مفتون بغليان الدم في شرايينه وانتعاش خلاياه، مفتون بآيات الجمال أينما تجلّت: في ابتسام الأطفال، وتغريد الطير، وهبوب الأنسام على الروح الظمأى وكلّ الأجسام.
فرحه عارم ما بعده فرح! عجب تحوّل الوجود عنده من عسره وثقالته المعهودة إلى دوائر الخفّة واليسر! عجب انسياب الوقت كالماء الزلال بين يديه!
هذه العجائب وأخرى، لا ريب عنده أن مديرتها امرأة: هي رافعة العطاء هي المهماز المفجر والفيض كلّه والعطاء. ولولاها لبقيت نفسه حاملة شارات الانتكاس والحداد، لبقيت رغائبه وحقوقه في الحياة طيّ الضمور والكبت