ويبدو أنّ هذا هو سبب الحشد الذي خرج يوم سالت أوّل قطرة دم فسقط في الساحة أوّل شهيد. خرجت المدينة بأسرها يتقدّمها أبناء جيل ظننّاه وُلِدَ ميتًا! ليس نحن مَن ظنّه ميّتًا, ولكنّ الدنيا من أقصاها إلى أقصاها حسبته في عِداد الأموات. بل هذه الدنيا من حولنا هي التي أنبأتنا بموت جيلنا، بل هي التي استخرجت لنا شهادة الوفاة بجُل الحِيَلْ. يكفي أن تحتقرك الدنيا كي تعرف أنّك لست على قيد الحياة! يكفي أن يوصِد بوّاب سفارة، أو قنصليّة، الباب في وجهك تعبيرًا عن رفض تأشيرة دخول إلى بلاده كي تعلم أنّك صفرٌ في أصفار، ولا حقّ لك في الحياة. يكفي أن يستوقفك رجل أمن في أيّ بلدٍ من البلدان ما إنْ يقع بصره على وثيقة سفرك ليُعلن حالة الطوارئ في المطار كي تُدرك أنّك لستَ جديرًا بالحياة فقط بل إنّك، خطرٌ على الحياة أيضًا!