إذا كانت الفنون كلها تسعى لأن تكون قصيدة، ففاروق وادي يقدم لنا رواية أنجزت سعيها لتكون كذلك. ومثل القصيدة التي تبدأ عادةً بهمهمةً ما، يبدأ كل شيء هنا برسالة ينقلها مجهول للرواي، من ابنة أخ مجهولة. وفي التقصي عنها تبدأ الرواية باكتشاف ذاتها، بلغة تامة لا نقص فيها ولا زيادة، وببناء محكم كمن يحكم قبضته على مقبض سيفه أثناءَ معركة لكنَّ النصل مكسور. شخصيات تخرج من روايات سابقة لعلها تجد لنفسها حياة أطول في هذه الرواية، مثلما يفعل الفلسطيني حين يخرج من منفى إلى آخر، ومثلما لا يفاجئه أبداً أن يكتشف ابنَ عمٍ على قارعة طريق، أو ابنة أخت على غيمة عابرة، وربما حتى أخاً وهو يتجول في متحف ما.
في هذه الرواية الرائعة لصاحب «منازل القلب»...