"كانت مسيرة مثالية ثم انتفضت واندلع الرصاص فأخذ يصور. صور شباباً يتطايرون فوق الأشجار وتحت الأشجار ويقذفون الحجارة وقناني الزجاج وأفراد الجيش في أثرهم ككلاب الصيد. أحدهم يقفز من فوق السور وآخر يزحف تحت الدواليب وثالث يتعمشق دبابة... وعشرة وعشرون هنا وهناك مثل العفاريت، بينهم أطفال لم يتعدوا الابتدائية وما زالت حقائبهم على الأكتاف. لطمت فلاحة وهي تصيبح "الزيتونات! يا شقى عمرك يا صبحية!" فدفعها الجندي عن الشجرة ومشت جرافة لتقلعها من عمق الجذر. الجرافات مثل الدناصير، لها أفواه كالحيتان تلتهم الشجر والحجر والصخر وبطون الأرض فتبقرها، وتأكل ما انزاح وما تكسر وتلقي ما بقي على الجانبين وتغطس وتغور في عمق الأرض. الصخر الجميل! واندفع الفك الحيتاني وقضم الصخرة كقطعة سكر وزعقت أنياب ومفاصيل. صور، صور، هذا تاريخ. صور، صور، أحزان الأرض. صور، صور، آلام الناس....