رفعَت السيّدة يدَيها وأومأَت إلينا جميعًا، كي نصعد الدرجات الفاصلة بيننا. ثمّ دعَتنا للجلوس حولها. وظلّ شعرها حبالًا رماديّة اللون، تتموّج حول وجهها، تكاد تُخفي تفاصيله، مستثنية العينين، الحادَّتَي النظرات كعينَي صقر. انتظرنا بوَجل وقد جلَّلَنا الصمت. وملأ أنفسَنا رهبةً منظرُها، وأنوارُ القمر تنهمر، فتزيدنا صمتًا وخشوعًا. ولم تَعُد روزينا تلك "الغريبة الأطوار"، المقيمة في عزلة كوخها، تُسامر القطط والعصافير. لم تَعُد المعتزلة مُقاطِعَة الجنس البشريّ حتّى آخر حدود العلاقة... فقد بدَت، في تلك اللحظات. سيّدةً حكيمةً، رهيبةً، ممتلئةً معرفة، قابضةً على مفاتيح الأسرار. وتحرَّكَت شفتاها تقصّان علينا حكايةَ الليالي الغجريّة... من "الليالي الغجريّة"