الربيع العربي
منذ أن حطمت الثقافة ثم السياسة، مبدأ شرعية السلطات المتعالي وأعادته إلى الأرض، إلى الشعب؛ لم يحصل قط أن خرج المفهوم من الكتب والأذهان والإعلام إلى الميادين مجسّداً ومتفجّراً إلا في لحظة الثورة التونسية وما تلاها. كل الثورات ذات البعد الإنساني بدءاً بالثورة الفرنسية وانتهاءً بالثورة البلشفية والتي فُرّغت واغتيلت، قد خُطط لها ورُسمت مساراتها في المكاتب والغرف، ولم يحصل قط أن أراد الشعب.
من يستطيع أن يحدّد أول حنجرة أطلقت هذه الصرخة؟
الشعب يريد... فاتحة تاريخ عالمي جديد، والتاريخ العربي في قلبه: تأسيساً، وإثارة، وأمثولة. مائة مدينة تتململ وتتحرك من مركز المركز إلى الأطراف، لا الأحزاب تنظم وتحشد وتقود، ولا الأفكار المسبقة، إنسان القاع يدوّي: هذا لي، وأريده الآن، وأنا الإنسان أخو الإنسان في كل مكان.