حين يخيّم الصمت بيننا، يبدو لي وجهه مثل كلمة على رأس اللسان، ودائماً أخشى أن أشعر بالتفوّق عليه. فالمرء عادةً يشعر بتفوّقه على مَن كان يومه سيّئاً. حتّى تقديم العزاء والمواساة للآخر لا يخلو من بعض الشعور بالتفوّق، لذلك، من حسن إدراك المرء ألّا يشعر بفارق كبير ما بين اليوم الجيّد واليوم السيّئ، وأن يعرف أنّ الحياة تقوم بمهمّتها على أكمل وجه منذ بدايتها، وأن ينظر إلى مهمّتها هذه بأقلّ ما يمكنه من دهشة، كي لا ينكسر العقل به وتتهاوى النفس عليه. وكثيرة هي المواقف التي تجنّبتُ أن أكون سعيداً فيها، كنتُ فقط أتعاطى الأمور كما أتعاطى شرب الماء ما دام متوفراً، ولم يحدث أن تهتُ في الصحراء وحصلت على الماء في الرمق الأخير كي أعرف حقيقة شعوري حينها، لكنّي بالتأكيد سوف أتعاطى الموقف كما هو عليه أثناء حصولي على الماء في الرمق الأخير، ولن أقول إنّها حادثة فريدة...