ليست الخرافات مجرد دروس أخلاقية أو مواعظ جوفاء، بل إنها في أبسط تعريفاتها هي الجنس الأدبي الذي يتكلم فيه الحيوان، ويُنصت له الإنسان. في الخرافة ينطق إذن من حُرِم الكلام، وهذا الحرمان ليس حال الحيوانات وحدها. الخرافة هي فن مهزومي التاريخ، تظهر في اللحظات التي يتعطّل فيها الكلام، ليتحدث فيها فجأة من طُرِد من عالم الكلام. هذا الكتاب هو محاولة أدبية لإعادة التفكير في خرافات الأدب العربي، والاقتراب منها فنيًّا وبحثيًّا، من أجل التعرف على طريقة كلام العجماوات الفريدة. والتي يمكن وصفها بأنها الكلام عبر استعارة صوت وإعارة آخر، وعبر حكي قصة داخل قصة أخرى، لتنكسر بذلك هيمنة الصوت الواحد. يعود الكتاب إلى نصوص تأسيسية في فن الخرافة، تحديدًا كتاب «كليلة ودمنة»، وأيضًا كتب مثل «النمر والثعلب»، و«الأسد والغواص»، لكي يلتقط الخيط مما يسمى بـ«الكتب التراثية»،...