فى ذلك النزال المهلهل ، بقيت أنتظر الإلهام ، صوت المؤذن فى الرابعة صباحاً ، يثير فى صدرى شجناً دفيناً يصدح منذ قرون ، وهو أقوى بكثير من أجراس الكنيسة ، لا جدال فى ذلك . لا يوجد مثل هذا الإلحاح فى رنين الأجراس . الأجراس قد تعلن عن الفرح أو الحزن ، ولكن المؤذن ليس مبتهجا وليس حزينا . صوته يأتى من مكان أبعد من الحزن والفرح . إنه صوت حى وحيوى ؛ والكلمات التى يرنمها ، حتى وإن لم تفهمها ، فهى حادة كالسكين ، تنفذك حتى النخاع ، لا سيما عندما تكسر صمت الليل المهيب ويبدأ المؤذن برفع الصلاة ، فالآية الأولى دائما تجعلك تقشعر من الداخل ، لأن الصوت يبدو أنه قادم من العدم وفى نفس الوقت ، من كل مكان ، إنه حقا صوت الله . صوت واضح . عندما تستمع إلى ذلك الصوت فى الرابعة والنصف صباحاً ، بعد ليل طويل من الأرق ، تفكر فى ما صنعته بيديك .