الحكي مثل الصنارة، كلما علق فيها طعم لذيذ، زاد الصيد؛ كلما روى المرء، زاد نهمه للروي، مثله الذي يسمع القصة أو يقرأها... هذا هو ما يفعله راوي هذه الرواية معنا؛ فهو يجعلنا مع كل سطر يرويه، نزداد نهماً لمعرفة مسار القصة، غافلين عن شرك نصبه لنا في البداية بتلك الجملة التي استعارها من الفرنسي بوريس فيان "هذه القصة حقيقية لأنني اخترعتها أنا"... ومع قراءة كل جملة، نريد أن نعرف أننا لسنا مخدوعين، حتى لو أن كل ما نقرأه مخترع بأكمله، وحتى لو اختلط كل شيء بين الحقيقة والوهم، بين الله والشيطان."تل اللحم"؟ هل هي قصة المكان الذي يقع قريباً من مدينة سوق الشيوخ، في العراق عند تخوم البادية الجنوبية، والذي ترى على أطرافه المقبرة المسماة باسمه، التي لا يعرف أحد متى وجدت، مثلما لا يعرف أحد هوية المدفونين فيها؛ هل هي مقبرة لدفن الغرباء الذين مروا بالمدينة وحسب؟...