عرفت جيداً أن بيروت ليست المدينة التي تنام باكراً مع العصافير، وأن ليلها أجمل ما تعد به سكانها وعشاقها في مختلف الفصول. غير أني نسيت، وأنا أتجول وسط دمار ساحة البرج، ما حفظتُ من تبجيل لبيروت حين استرجعنا تفاصيل حياتنا فيها... وحين واجهت الدمار العبثي إثر الحرب الأهلية الثانية، انهارت داخل نفسي الأساطير التي حيكت حول لبنان فاقتنعت بأنه كان يقوم على أسس واهية لم تصمد عندما عصفت به، وببيروت، رياح الأزمات العاتية. ... وها قد مضى ربع قرن وما زالت آثار الحرب المجنونة تلك تتفاعل فتعيش مع ناس وأزمة وذاكرة هذا الوطن وهذه المدينة المنذورة لتعيد بعثها بعد كل حرب، وبعد كل موت...حليم بركات عالم اجتماع وأستاذ جامعي سوري، ولد عام 1933. حائز دكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة ميتشيغن في الولايات المتحدة، عمل محاضراً في الجامعة الأميركية في بيروت، وفي جامعة تكساس، وعمل باحثاً في جامعة هارفرد. ترجمت بعض مؤلّفاته إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية واليابانية. صدر له عن دار الساقي "المدينة الملوّنة"، "غربة الكاتب العربي".