الواحد يصير خفيفاً عند بلوغه هذه الأنحاء. يعطي قدرات. يفقد آلامه الجسمانية. في أحد الممرات رأيت الحريري قاعداً عشرين ورقة، وكلما انتهى منها عاد يقرأها من جديد. على كل ورقة سيرة حياة واحدة. هؤلاء الذين قتلوا معه في الانفجار. الورقة الأخيرة كتبها الممرض في السيارة الأخيرة: سيارة الإسعاف. في ممر آخر -عند طرف المكتبة- أرى الرجل الذي انفجرت عبوة تحت سيارته، هذا الرجل كان يكتب. هنا لا يجد الكتابة سهلة. لم تعد الكلمات تأتي إليه. لا يدري كيف يكتب ما يريد أن يكتبه. يريد أن يكتب رسالة إلى زوجته. يكتب خمسة حروف ثم يتعب. لا يعثر على حرف سادس. لا يعثر على كلمة أخرى. الدوي ما زال يتردد في رأسه، والدخان أسود كثيف في عينيه. الألفاروميو سيارة صغيرة. ضغط الانفجار فظيع في المكان الضيق. يشرب ماء وينظر إلى الكلمة على الورقة البيضاء.