يمثل عنوان هذا الكتاب تلخيصاً وافياً بأعمال تشومسكي، وإجمالاً لمسار حياته. فالمثقف الذي من طينته لا يملك إلا العقل وسيلة لخوض المعارك (...). والخلاف بين تشومسكي ومثقفين معاصرين عديدين يتمثل في أن هؤلاء كثيراً ما نبذوا سلاح العقل؛ بل إن منهم من يعدُّ هذا السلاح في جوهره سلاحاً قمعياً. غير أن تشومسكي لا يحمل إيماناً ساذجاً بقوة العقل، بل يرى أن العقل هو كل ما نملك. ولا يصدر تشومسكي كذلك عن إيمان ساذج بالتقدم؛ لكن الديمقراطية، والحريات الفردية، واللائكية، وتحرّر المستعمرات، وحقوق الأقليات، وحقوق النساء، وحقوق الأجيال المقبلة (الحركة من أجل حماية البيئة)، تُعتبر علامات دالة على التقدم، والتقدم المقرون بإعادة النظر في الأشكال التقليدية للسلطة، وهي عملية صارت ممكنة بفعل حركة النقد العقلاني والتحرّري المتحدّر من الأنوار.