...المقولة التي ننطلق منها في هذا البحث هي أن ما يسمى بالنظام العالمي الجديد – وهو النظام الذي أعقب انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية – لابد أن يقود، بالضرورة، إلى بزوغ متجدد نام للهويات الثقافية الذاتية للشعوب ولكياناتها القومية بالتالي. لقد كثر القول بعكس ذلك في الآونة الأخيرة، وحسب الكثير من المفكرين والمنظرين والسياسيين، أن من أمائر النظام العالمي الجديد أنه سوف يؤدي إلى تفتيت الشعوب والقوميات من جانب، وإلى تعاظم النزوع نحو العالمية، نحو نظام عالمي متشاكل متشابه، هو الذي تفرضه القوى الكبرى في العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، من جانب آخر. ورأى بعضهم فيما يجري من تفرق إثني وديني في الاتحاد السوفياتي نفسه وفي يوغوسلافيا، بداية لاتجاه نحو تفتت كثير من الكيانات القائمة، بحكم المنازع الدينية أو العرقية...