كل الكلام الذي يجري حول مهمة أميركا في العالم، يظل محفوفاً بالنقص، ما لم يتعلق بالأصل الروحي والفلسفي الذي قامت ولادتها عليه. لقد ذهبنا إلى تظهير هذا الأصل فسمَّيناه "لاهوتُ الغَلَبَة". وهذا توصيف لا يفارق حقول التجربة. فلو كان لنا أن نتبيَّن لأميركا صفة ما، لَصَعُب البيان، واتَّسع حقل التوصيف. بعضهم يرى إلى أميركا بوصفها قضية فينومينولوجية. أي أنها البلد الذي ظهر على خارطة العالم كاستثناء لا يشبه سواه. وبعضهم وجد فيه خلاصة الحداثة وما بعدها. وآخرون ممن أُخِذوا فيه، لم يروا إليه إلا بصفة كونه مقولة ميتافيزيقية حطَّت على الأرض البكر، لتصنعَ للعالم خلاصَه من الإثم، ثم لتستنقِذه من هبوب الجاهلية. لم تستقر المقالة الأميركية على توصيف واحد. والفرادة التي خُلِعَت عليها، من أهلها ومن عدوّضها، جعلتها مقالة مفتوحة على التأويل. فبقدر ما تبدو المقالة الأميركية...