أعيد طباعة هذا الكتاب الذي يناقش مسألة مفهوم المادية والمثالية انطلاقاً من الماركسية، عبر محاورة مباشرة مع د. طيب تيزيني. لكن الهدف العام الذي أردته فهو لمس مشكلة عميقة طاولت الماركسية في الوطن العربي، حيث كان، ولازال، يجري "تلخيصها" في تصوّر ما، مشوّه ومبتسر، يصبح هو الحاكم لرؤية الواقع والتاريخ، وأيضاً الأفق. وبالتالي لا تعود ماركسية، ويختفي منطقها الذي هو الجدل المادي، بل تنحكم لمنطق شكلي صوري يكون هو محرك البحث والتحديد. لهذا بدل أن تستكشف الواقع وتغور في أغواره تصيغه بشكل مفكك، وتصل إلى استنتاجات مربكة. حيث أن المنطق الشكلي لا يسمح بتأسيس وعي حقيقي بالواقع، أو برسم أفقه. وبالتالي فإن النقاش هنا يطال المنهجي قبل التاريخي، ويهدف إلى إعادة وعي الماركسية، وعي مفهوماتها، ومنظوماتها، وبالأساس تمثّل منهجيتها: الجدل المادي. من هنا يكون البحث في المادية لصيق الصلة بالمنهجية ذاتها. فماذا تعني المادية؟ وهل من مادية منسجمة دون الجدل؟ وماذا تعني بالتحديد ونحن نبحث في الواقع، في المجتمعات؟