مع صدور كتاب شوبنهور العالم كإرادة وتمثل كانت أوروبا الملوك والقياصرة والأمراء في مواجهة نابليون – ذلك العسكري ذ1و الأصول الفلاحية والذي خرج من العدم الكوريسكي ليهز عروش أوروبا وممالكها – وتهزمه بالضربة القاضية في معرك واترلو ولئن كان هيجل قد ماثل بين نابليون والعقل عندما رآه من نافذته يتقدم فرسانه ظافرا في شوارع مدينة يينا ؛ فإن شوبنهور – المعادي لهيجل – كان يرى في سليل الفلاحين الكورسيكيين تجسيدا حيا لمفهوم الإرادة. ولأن شوبنهور رأى في الإرادة مبدأ الوجود وأساسه وديناميته المحركة ؛ فقد كان من الطبيعي أن يعيد بناء الفلسفة والأخلاق والطبيعة انطلاقا منها بحيث أصبحت الارادة لديه مبدأ ميتافيزيقيا خلاقا تتجلى آثاره في الكون الطبيعي والحياة الاجتماعية ومصادر الأفراد. هذا الكتاب محاولة لاستعراض ورصد إحدى أهم اللحظات الفلسفية في الفكر الغربي الحديث ؛ سعى مؤلفه لتعريفنا بتجربة فلسفية وروحية فذة هي في أساس العديد من الاتجاهات الفكرية المعاصرة من نيتشه الى فلسفات الحياة والوجود.