يجسد التعذيب أسوأ ما يمكن أن تنحدر إليه ممارسات بعض البشر ضد بشر آخرين، ولا تقتصر أضراره على الألم الرهيب الذي يتركه لضحيته، إنما تمتد لما يبثه فيها وفي المجتمع المحيط بها من حالة نصفها بلغة الطب النفسي بأنها اليأس المكتسب، وفقدان الثقة في الجيرة والمعارف والأصدقاء، بل وأحيانا في الأسرة ذاتها التي عجزت عن توفير الحماية والأمان. إلى جانب الآثار التي يعانيها الناجون مِن التعذيب، تجذبنا تلك التركيبة النفسية والاجتماعية المعقدة التي تسمح للجلادين بمزاولة عملهم، والتنكيل بضحاياهم عبر مواجهة غير متكافئة، يمكن وصفها بأنها مواجهة جبانة مِن قِبَل المُسيطر فيها، فالضحايا مُحتجزون، مَعصوبو الأعين، مُكَبَّلو الأيدي، لا يملكون درء الاعتداء الواقع عليهم بأية وسيلة.