عندما يتبادر إلى الذهن، التساؤل حول ماهية الفلسفة، فإننا بذلك نكون قد وضعنا أنفسنا خارج الفلسفة، بينما الهدف من هذا الكتاب هو أن "نتفلسف"، ونسأل: ماهو الوجود؟ وماذا يجب أن نفعل؟ ما هي الحقيقة؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت موجودة منذ القدم، وهي مطروحة الآن، وستبقى إلى الأبد، وقد نخفق في الإجابة عنها مرة تلو أخرى. لكن، يبقى التفكير في الإجابة عن تلك الأسئلة هو: الفلسفة. ولا غرابة في أن يتسائل المرء: لماذا تعرضّتُ لتاريخ الفلسفة الإغريقية من دون سواها؟ إنني أروي تاريخ هؤلاء الفلاسفة الأوائل بشكل مبسط لأنهم أسسوا أنساقًا فلسفية شكلت بدايات للوعي الإنساني المؤسس على التفكير العلمي، بعيدًا عن الحكمة، ومنفصلًا عن الخرافة. كما أنه لا يمكن فهم الحضارة الأوروبية من دون معرفة الحضارة الإغريقية، التي تشكّل الفلسفة اليونانية عمودها الفقري.