انطلقت في هذا الكتاب، من واقع الجنوب اللبناني في تطوره منذ السيطرة العثمانية وحتى وقتنا الحاضر، لتبين بشكل مقتضب، كيف أن هذا الواقع شكل بيئة طاردة لسكن هذه المنطقة، على نطاق محدود بادئ الأمر، ثم على نطاق واسع في أيامنا هذه. وقمت بعد ذلك برصد شامل ومفصل لما ترتب على هذه الظاهرة، في ظل النظام اللبناني السياسي والاقتصادي المشوه، من مفاعيل اقتصادية واجتماعية. والخلاصة التي توصلت إليها بهذا الخصوص هي أنه على الصعيد الاقتصادي، جرى توظيف غير متوازن للعائدات المالية من الهجرة. فكانت حصة الأسد لقطاع الخدمات ولم تحظ الزراعة سوى بالنذر القليل، أما نصيب الصناعة فلامس الصفر. على الصعيد الاجتماعي ساهمت الهجرة إلى حد بعيد في إفلات المجتمع الجنوبي من عقاله التقليدي من خلال ما ينتج منها من ارتفاع الانفاق الاستهلاكي والتوسع في العمل الخيري الاجتماعي. فتحسنت كثيراً...