كتب ياسر مروّة المولود في بيروت 2 تموز 1969: لم يكن زمناً ذاك الذي ولدتُ فيه، كالحال التي ترعرعتُ فيها بين ثنايا تجاعيد الحياة في عشية الحرب. وفي يوم واحد فقدتُ عمراً، وذقتُ مرارة الغياب، ثم عُدتُ إلى الحياة مرة أخرى بسحر ساحر، رافضاً فكرة الغياب ومتشبثاً بحياة ستكون حتماً غريبة. لم تكن تلك البداية التي انطلقتُ منها كالحال التي وصلتُ إليها الآن، كعزيمة الأبطال ربما وطموحٍ ما له حدود حتى تحطيم رأس جمجمتي. كنتُ أركضُ في شوارع العاصمة "بيروت" بحثاً عن ملجأ آمن، وهرباً من معركة طاحنة غرائزية ، نشبتْ في 17 شباط 1987 ثم اصطادني صيادٌ همجيّ، قناصٌ محترف… كنت أنزف جسدي من دون ألم ومن دون وجع، أدركتُ الموت ولمستُ مساحته. لعلني أنسى اليوم الذي أصبتُ فيه، أسامحه اليوم على الرغم من صعوبة الكلام، وعلى رغم الطلقة البشعة التي حفرت آثارها في جسمي وفي نفسي. أسامحه اليوم لأني متأكدٌ من أنه لم يكن يعرفُ مغزى تلك الحرب ولا الأسبابَ التي اشتعلت لأجلها.