تتراوح قصيدة سعدي – إجمالاً- بين التعبير والتجريد، فهي من ناحية تشير إلى تجربة سابقة على عملية الكتابة ذاتها، يجتهد الشاعر في التقاطها وتجسيدها والتعبير عنها وايصالها إلى المتلقي، غير أنه ـ من ناحية أخرى ـ لا يغفل جماليات النسيج الشعري وتبئير اللغة وانزياحاتها ووظيفتها الشعرية التي تنقل التجربة من مستوى الايصال إلى مستوى الشعرية، المستوى الذي تدرك فيه الكلمة بوصفها كلمة وليس بوصفها أداة تشير إلى شيء معين، أو إنفجاراً لعاطفة، بمعنى أن الأداء يتركز في نقطة الالتقاء بين التعبير عن تجارب الحياة بواسطة اللغة، واللغة كغاية تغيب عنها المرجعية، أو ما يسميه موري كرايغر بـ (المرآة والنافذة)، أي بين الاحالة إلى الخارج والاحالة إلى الذات، مما يجعل من قصيدته بنية مراوغة. على ان الشاعر لا يضحِّي ـ وبخاصة في مراحل نضوجه واقترابه من تخوم التجريد ـ بالنافذة...