….كنا مرة في القاهرة مجموعة من أساتذة اللغة العربية في إحدى العشيات نتمشى في الأحياء الشعبية. فدخلنا في زقاق قريب من زقاق المدق وإذ بنا أمام جماعة يشربون الشاي والكركدي: ــ تفضلوا، تفضل يا أستاذ، تفضلوا… توقفنا نتجاذب بعض أطراف الحديث ما بين س وج. راح أحدهم يسألنا واحداً بعد الآخر: وأنت ما ديانتك؟ وأنت… «أنا مسلم والحمد لله» هذا كان جواب الزميل المغربي. عندما وصل إليّ أجبته «أنا علماني والحمد لله». ضحك الجميع. ظنوا أنها مزحة وانهالت الأسئلة: «يعني إيه علماني؟» سأل أحدهم ورد آخر: يعني شيوعي؟ أما أنا فقلت لهذا الأخير: يا أخ «شيوعي» ليس ديانة، وملحد ليس ديانة! لم يسأل صاحبنا المصري: من أنت؟ أو من أي بلد أنت؟ مثلاً. ولم يترك مجالاً لأحد أن يقدم نفسه بل حصر الهوية في اعتبار واحد، هو الانتماء الديني…