يعيد هذا النص الاعتبار من جديد لمونتسكيو لا من حيث كونه واحداً من أهم المفكرين والمنظّرين الذي مهدوا بفكرهم للثورة الفرنسية (وهو التفسير الشائع لمونتسكيو) وإنما من حيث هو المفكر الذي أحدث ثورة منهجية بصياغته وتطوريه لجملة من المبادىء النظرية تمحورت حول فكرة إنشاء فيزيقا اجتماعية تمتلك منهجاً مماثلاً لمناهج العلوم الطبيعية بحيث يسمح لها هذا المنهج بتفسير الاجتماع الانساني وآلياته تفسيراً علمياً. وإذا كان آلتوسير يحدد هنا موقع مونتسكيو في تاريخ الفكر الاوروبي كاستمرار لديكارت وهوبز واسبينوزا إلا أنه يوضح أيضاً في نفس الوقت القطيعة المعرفية والمنهجية التي قام بها مونتسكيو مع أسلافه محرراً بذلك السياسة والتاريخ، أو بالأحرى واضعاً السياسة والتاريخ كعلمين بعيداً عن التصورات الاخلاقية والميتافيزيقية. غير أنّ ألتوسير يكشف لنا أيضاً عن السياسي في شخص...