…استأثر الاشتغال على حقل تاريخ فلسطين المعاصر بالقسط الأكبر من اهتمام الباحثين الفلسطينيين والعرب. وبينما بقي الاهتمام بحقلي تاريخ فلسطين القديم والإسلامي محدوداً، نشهد، في السنوات الأخيرة، تعاظماً للاهتمام بحقل تاريخ فلسطين العثماني، وبخاصة في المرحلة المتأخرة منه. وعليه، يبدو أن القضية الفلسطينية وتفاعلاتها ستبقى تحتل موقع القلب في جسم الكتابة التاريخية العربية عن فلسطين، وستظل إشكالية النكبة وتداعياتها في محور اهتمام العديد من الباحثين. بيد أن الاعتراف بهذه الحقيقة لا يعني أن هذه الكتابة ظلت تراوح مكانها وتدور حول نفسها؛ فالواقع أن مركزية القضية الفلسطينية، وهيمنة إشكالية النكبة، لم يحولا دون ارتسام آفاق تأريخ عربي جديد، راحت توجهاته تتبلور منذ سنوات عديدة، وتنحو في اتجاه تطوير أساليب الكتابة التاريخية العربية عن فلسطين، وتنويع وإغناء مصادرها وتوسيع دائرة اهتماماتها…