تعتبر الوثائق ضرورة عملية لفهم التطور التاريخي لأي مجتمع من المجتمعات. ويزيد في أهمية اعتماد الوثائق في دراسة مناطق المشرق العربي أن تاريخ هذه المناطق قد تعرض للتشويه المتعمد من جانب المستشرقين ومزوري التاريخ من الطائفيين اللبنانيين. لذا كان لا بد من التصدي لمثل ذلك التاريخ انطلاقاً من ركائز وثائقية أقرب ما تكون إلى الصحة والدقة العملية. وقد توخينا من هذه الدراسة الكشف عن الجذور العميقة للمسألة الطائفية اللبنانية على ضوء وثائقها الأصلية، خاصة وثائق الأرشيف والمصادر العلمية الجادة. وتعتبر هذه الدراسة مدخلاً علمياً لفهم المسألة الطائفية اللبنانية في إطار الهجوم الاستعماري الأوروبي لتفكيك بنى السلطنة العثمانية وانتزاع ولاياتها. وقد اكتفينا بكتابة فصول متنوعة تعطي من خلالها طابعها الشمولي العام صورة كافية للتعريف بالجذور التاريخية للمسألة الطائفية...