… وطال الانتظار واستسلمت التلة لوقود الأيام، وتعرّى الوجود كاملاً من حولها، وسكر أهلها من الجوع والفقر حتى أن الكثيرين منهم لم يعودوا يترقبون حدوث شيء، بينما أكل الآخرون القش والتبن وجذور الفصّة الضامرة؛ وما إن وقع العام الجديد حتى أصبحت العنبرية تبدو كسفينة غارقة في الرمل. لكن أهل التلة، الذين يعرفون أن الحياة، مهما قست، فإنها لن تطحنهم، وأن الطبيعة، مهما بخلت، فإنها لن تتركهم، ظلوا ينتظرون حتى مساء ذلك السبت المتأخر من شهر شباط والذي بدت فيه الطبيعة من حولهم قلقة ومسرعة….