وبعد… الشعرُ هو لغةُ الحياة، نبضُ الوجدانِ الباحث عن سرِّ الوجود، سعيٌ متلهّفٌ لإدراك المعنى. إنه التأمل للذات بغية تجاوز الذات، وهو الأنا الساعية في طِلاب الآخر تغزوه، بل هو استعادة الأحاسيس الأولى، وإرهاصات النفس وتجلياتها، يتمكن الشاعر، وهو يفعل، من القبض على ماهيّته الأصيلة، مظهراً لنا مخبوءه السحريّ، يتوالدُ بين يديه قصيدة! ﻫﺫا هو حال غنوة الشاعرة، في ديوانها الجديد «وبعد»، تطربنا نغميتها الشعرية بقاموسها اللغويّ البسيط، قاموس مفرداتنا التي ألفناها في حياتنا اليومية، إلا أنَّ الشاعرة تتقن توليد دهشتنا بالترابطات التي تنشئها بين العناصر اللغوية، وبين العلاقة الدَّمجية تنشئها بين ﺫاتها المتعبة التي تحاور الآخر، سواء كان ﻫﺫا الآخر إنساناً تحبه: أهلاً، ابناً، أماً، أو الآخر القاتل المتجبّر المتجاهل محدودية قدرته أمام عظمة الإله. لذلك نفهم ثورتها...