إن ماركس وإنجلز ينشدان في الأيديولوجية الألمانية دراسة الإنسان الفعلي، الإنسان الحي، الإنسان في التاريخ. وإنهما ليؤكدان بلا كلل على فعالية الإنسان العملية، الثورية، التي سوف تغير الإنسان نفسه من جراء تغيير الشروط الاجتماعية التي يحيا فيها. إن وجود البشر الاجتماعي هو الذي يقرر وعيهم الاجتماعي. ولذا فإن الواجب يدعونا لأن نبدأ بدراسة الواقع الاجتماعي الحسي، دراسة “العلاقات التجريبية”، لأن هذه العلاقات هي التي تفسر تصوراتنا وأفكارنا، وليس العكس كما يحسب الأيديولوجيون الذين “تصبح الفكرة المجردة عندهم القوة المحركة للتاريخ.. بحيث يرتد التاريخ إلى تاريخ الفلسفة”، أو إلى “مجرد عملية تطور الوعي”. وكونهما يرفضان هذا التصور، فإن ماركس وإنجلز يرسمان الخطوط الكبرى لتصور جديد للتاريخ. إنهما “يهبطان من السماء إلى الأرض”، وينطلقان في دراسة تاريخ البشر، ويستخلصان...