كل نص قائم بقراءته: يتعدد, يتخالف, فيصير. و لهذا النص الذي أقدّم طبعته الثانية, أكثر من قراءة ممكنة. لا بسبب من قارئه وحسب, بل ﻷنني بنيته, عن قصد, على مستويات ثلاثة, متداخلة و مترابطة, كل منها يسمح بقراءةتختلف عن اﻷخرى وتستدعيها. أول هذه المستويات هو الذي يتحدد بتمفصل النظري على السياسي في سيرورة انتاج الفكر الماركسي في عالمنا العربي. فالقضية التي أعالج هي, إذن بالدرجة اﻷولى, قضية نظرية. وثاني هذه المستويات, هو الذي يتحدد بالبحث في أسباب الحرب اﻷهلية في لبنان. وما كان الحدث, يوما, في التاريخ هو السبب, بل القانون اﻹجتماعي يحكم اﻷحداث, وبه اﻷحداث تتوالد. لذا غلب على البحث النظر في البنيوي, لا في الحدثي, أو المصادفي. أما ثالثها فيتحدد بحاجة معرفية في الفكر النظري إلى وضع جهازه المفهومي على محك الواقع التاريخي الملموس, فكان, بالتالي, اختيارا لمفاهيم كنت قد حاولت نحتها في دراسات سابقة, فأتى موضوع البحث, في هذا الكتاب, نظريا أكثر منه تاريخيّا