في يوم من الأيَّام تبيَّن لي أنني لا أُحبُّ أن يتكلَّم الأجانب لغتـي. كيف حصل هذا؟ كنتُ أعتقد أنني شخص متفتِّح، متسامح، يتمنَّى الخير للغرباء كما يتمنَّاه لذويه، وفضلاً عن ذلك كنتُ أحسب أن من واجبي أن أعمل، في حدود إمكانيَّاتي، على أن يكون لِلُغتي ”إشعاع“، وأن يتزايد عدد الذين يتحدَّثون بها، إلخ. لكنَّ هذا الهدف النبيل توارى يوم أدركتُ أنني أكره أن يتكلَّم الأجانب لغتي. كانت هذه الكراهية في الواقع قائمةً على الدوام، ولكنني لم أكن على وعي بها، فلم أكن لأجرؤ على البوح بها لنفسي، وبالأولى لغيري.
لكنّني أطرحها الآن على القارئ، وعلى الثقافة العربية، لنتساءل كيف تعاملت هذه الثقافة، ماضياً وحاضراً، مع لغتها، ومع اللغات الأخرى؟