مجموعةٌ من المقالات والمحاضرات والإذاعيّات تعود في مجملها إلى الأربعينات بُعَيد الحرب العالميّة الثانية. فنعيمه الذي عرف الحرب عن كثب كمجنّد في الجيش الأميركيّ على الجبهة في فرنسا، خلال الحرب العالميّة الأولى، لم تفارق ذهنه منذ ذلك الحين محنة الإنسان عامّةً، ومحنة إنسان المدنيّة الحديثة على وجه الخصوص؛ قوّة مادّية مهولة وكشوف علميّة طبيعيّة مذهلة وصلت به إلى حدّ تحوُّله، بِكُرَته الأرضيّة كلّها، إلى مجرّد موطئ قدم يقفز منه إلى سائر الفضاء، وفقر خلقيّ روحيّ مدقع من جهة أخرى، يهوي به من فضائه، كما تشهد أزماته وحروبه، إلى ما دون البهيمة. هذه المقطوعات التي أُخذت موضوعاتها من قضايا الإنسان اليوميّة العاديّة، لا يلبث قلم نعيمه بسلاسته وأسلوبه البيانيّ في تدرّجه الإقناعيّ الآسر، أن يجري بها إلى مصبّ واحد؛ إنّ على إنسان المدنيّة الحاضرة، إن هو شاء ألّا يدمّر ذاته، أن يخرج من ثنائيّته الرهيبة. هذا ما ينادي به «صوت العالم» إن نحن أحسنّا الإصغاء.