كتابٌ سريعُ الإيقاعِ. مؤلمٌ حدَّ النشوةِ، مثل مِلحٍ يوضعُ فوق جُرحٍ حيٍّ. ثمِلٌ. مترنِّحٌ. كأنَّ مياه البحار والمحيطات تحوَّلت بين صفحاتهِ إلى شرابٍ تجرَّعتهُ الأرضُ، فلم تعد اليابسةُ يابسةً، ولا الهواءُ هواء، في حين كانَ السؤالُ منذُ البداية: إلى أيْنَ أيُّها الدَّرَّاجُ السّكْرانُ الخارجُ لتوِّهِ من حَانَةِ البَلْدَة؟
ومنذ البداية تتعلَّق قصصُ الكتابِ بضمير الـ "أنا"، "أنا" مفكَّكة، مهلوِسة، غامِضة، وانتحارية، لكنَّها مُرتبطة، مثل باقي الشخوص، بالواقع الهشِّ، بهوامِشه المُظلِمة، وظلالهِ الكثيفةِ، وبحفنةِ الضوءِ القليلِ التي تقودُنا إلى طرقٍ أفعُوانيَّة، في أعماقِنا كما في الخارجِ حيث تتلقَّفُنا المنحدراتُ...