يأتي الجزء الثاني من " مدينة مجاورة للأرض" بعد جزء أوّل صدر سنة 2011. وفيها يستكمل الفنان اللبناني رسم الجولات الكابوسيّة لبطله فريد الطويل في أحياء وأزقّة بيروت. بتدرّجات الحبر الأسود يبني أبو مهيا المدينة من ذاكرته البصرية التي تكاد بتفاصيلها تشبه عدسة الكاميرا فتصوّر عماراتها العشوائية، ولافتاتها، وبعض معالمها مثل مبنى شركة الكهرباء الذي يتصدّر غلاف الكتاب. من قلب هذه الواقعيّة، يخلق مناخات خياليّة قاتمة، تجعل من متاجر المدينة مستودعاً للأجنّة الميّتة، فيما تجوب أزقّتها كرنفالات للعراة. هكذا تبدو هذه الأحداث والأبعاد الغرائبية استعارة عن مآزق البلاد اليومية، في ظل فساد الحكم السياسي. الحافلة هذه المرّة لا توصل البطل فريد الطويل إلى مكتبه في شركة التأمين كما كلّ يوم، بل تدفعه لأن يخوض مغامرات عجيبة تدفع القارئ لأن يشكّ بوجوده وبوجود المكان على السواء.