يأخذُنا محمد اشويكة في كتابه "الكراطيط"، إلى مناخاتٍ ضاربةٍ في العمق البدوي، في مقابلِ حياة مدنية تطفو على سطحِ السَّردِ حيناً وتغيبُ أحياناً كثيرة. قصَّةٌ تجرُّ معها حكاياتٍ تتناسلُ كقطيع مشاةٍ يعتني به راعٍ خبير. تتشعَّبُ المشاهد في نسجٍ ساحرٍ للخُرافة، والخيال الخلاّق، لملحمةٍ عن فصيلةٍ نادرةٍ من الطبقات المسحوقة، لمدينةِ، قريةِ، قبيلةِ الكراطيط ، بطقوسها الخاصة في العيش، في الأكل والشرب والزواج والموتِ، وحتى في العاداتِ السّرّية التي يوغلُ الكاتب في وصفها بطريقةٍ ساخرة حدَّ البكاء.
من القاعِ ذاتهِ تعلو الأغاني الشعبية، ومواكبُ الأعراس، الجنائزُ والأمراض الفتّاكة، والقهر الذي يجعلُ جلَّ "أبطال" محمد اشويكة أقربَ إلى الأرض ككائناتٍ سقفُ حياتها واطئٌ، كما لو أنَّ يداً جبَّارةً تضغطُ على الرؤوس فتجعل الأجساد قصيرة، والأرواح...