في خضمّ حركة التاريخ الدائمة وبين سطور أحداثٍ كبيرةٍ بحجم الوطن، تضيع أسماء لامعة لم تُنصَف بالتوثيق الكافي. علي بزّي أحد هؤلاء. هو المناضل والسياسيّ الذي واكب مرحلةً حاسمة في نشأة لبنان المستقلّ وفي تشكيل المنطقة بأكملها، من أوائل الثلاثينيّات حتّى أوائل السبعينيّات من القرن العشرين. في مثل حالة علي بزّي، لا تعود السيرة شأًنا خاصًّا بصاحبها، بل تُصبِح توثيقًا لمرحلة، ولمنطقة، ولشعب. وحياة علي بزّي تقاطعت مع بوتقةٍ من القضايا: تاريخ جبل عامل، نكبة فلسطين، نشوء القومية العربيّة، قضايا الإقطاع والنضالات المحلّية. رهاناتٌ دخل بزّي معتركها من عدّة أبواب وبصفاتٍ عديدة: مناضلا ضدّ الإقطاع والمظالم الاجتماعيّة وفي سبيل استقلال لبنان والقوميّة العربيّة، نائبًا وركًنا من أركان العهد الشهابيّ، وزيرًا أسهم في بناء الدولة المدنيّة وإرساء مقوِّماتها، وفي النهاية سفيرًا. تلك كانت صفاته الرسميّة، أمّا بالنسبة إلى محيطه القريب وإلى الوسط الإعلاميّ الذي نشط فيه، فقد كان خفيف الظلّ، صاحب النكتة الحاضرة ومدرسة في بساطة الحياة.