تبني فاتنة مجموعتها على ثنائية الروح والجسد، وهو ما تكشفه عتبة الإهداء، حين تهدي فاتنة كتابها إلى روحها وجسدها، مَن علَّماها الكثير من الأسرار، بلغةٍ حسّية متواطئة، تكتبُ الشاعرة صرختها في وجه "العالم الموحِش" منحازةً لتلك المساحة الشائكة بين الروح والجسد، متقصية التفاصيل التي تلتقطُها عينٌ ترى أبعد من مداها. حيث يتداخل الهمُّ الشخصي مع همٍّ جماعي تعكسه صور إنسان هذا العصر بحروبه وخيباته ومدنه المهجورة.
في مجموعتها الخامسة هذه، تواصلُ الغرة رحلتها إلى الأعماق، حافيةً تقطع في ذهابٍ وإيَّاب ما بقي من جسورٍ بين الروح والجسد، تكتبُ روحها القلقة،.المشاغبة. ورغم الثقوب الكثيرة والفجوات، رغم الانكسارات، ومساحة الألم الواسعة، ينتصرُ الجسد للحظته الأخيرة، لرقصته التي تتكرَّر كتعويذةٍ تستدعي موسيقى العالم البعيدة. وكأن الروح هنا، طائر يتصيَّد فريسته في مرآةٍ بحجم السماء.