في مقالة ريجيس دوبريه المعنونة بـ “تصميم لدراسة عن غرامشي”، التي اختارها المترجم لتكون مدخلا للكتاب، نقرأ: “يشرع غرامشي في تعيين طبيعة الماركسية بتمييزها عن النزعة المادّيّة الميكانيكية التي كانت سائدة في القرن الثامن عشر؛ أي أنه يخوض معركة. ولذا؛ فقد اتسم نشاطه النظري بالسمة السجالية، بالدرجة الأولى؛ كما أن نشاطه العلمي – بوصفه مناضلاً [شيوعياً] – كان يرتكز على هذا النشاط النظري. ويخطئ كل مَن يحاول «تبرئة» بعض صيغ غرامشي النظرية – مهما تكن هذه الصيغ مثيرة للدهشة والاستغراب – بالقول إنها ناجمة عن دوره كمناضل عملي (..). الواقع أن كل تحليل نظري – في جوهره – تحليل سجالي؛ أي أنه شكل من أشكال النقد «الملتزم». إن ماركس ذاته يبني كتابه رأس المال على نقد الاقتصاد السياسي؛ إذ ينطق من السجال ضدّ سميث وريكاردو وساي. لكن الطريف في غرامشي أنه لا يُخفي «التزامه»، ولا يدّعي السعي وراء «موضوعية» مدرسية، أو أكاديمية، أو «علمية». بل يُسلِّم نظرياً بضرورة المساجلة العلنية.