كان آخِر ما رأيناه، هو ورفيقُه، وهُما يَصعَدانِ إلى السَّماءِ، يَضحَكانِ في رِضًى تامٍّ، كأنَّهُما لم يَقتُلَا البَشَرَ كُلَّهم. صَعدَا إلى رَبِّهِما، بَعدَ إتمامِ المَهمَّة على أَكمَلِ وَجهٍ. وكان آخِر ما عَرفناه، أن الواحِدَ مِنَّا لم يَتلُ كتابَه ليَمحوَ الغَيبَ، ويَعرِفَ مَصيرَه، بل قَرَأنا كُلُّنا بلا استِثناءٍ، في صوتٍ واحدٍ، في غباءٍ بشريٍّ واحِدٍ، بتَفكيرٍ ساذَجٍ، يُخبِرُنا بأنَّنا أسيادُ العالَمِ؛ لأنَّنا مَحَونا الغَيبَ، ولم نُدرِكْ حينَها، أنَّها كانت تَلاواتِ مَحْوِ جِنسِنا، بمَشيئَةِ الرَّبِّ، وبِغَضَبٍ من الرَّبِّ، الذي مَنَّ علينا بكُلِّ الفُرَص، ولم نَستَغِلَّها.