ليس حزب البعث والحكم السوريّ شيئاً واحداً، وهناك في تاريخ هذا الحزب بعوث كثيرة يصحّ في وصفها التضارب أكثر مما يصحّ الانسجام والتماسك. مع هذا يبقى البعث مهمّاً بوصفه القاطرة التي تم توسّلها إلى السلطة كما بوصفه الذريعة الإيديولوجيّة لتلك المهمّة. يحاول هذا الكتاب عرض جوانب من تاريخ البعث في حكم سوريّا منذ 1963، مع الاحتفاظ بهامش عريض لتناول ما هو غير بعثيّ في الحكم البعثيّ. وغنيّ عن القول إنّ الموضوع هذا، وإن كان سوريّاً أساساً، لبنانيّ وفلسطينيّ وعراقيّ في الوقت نفسه، حتّى لو اتّخذت أوجهه تلك أشكالاً متفاوتة. وهو، من ناحية أخرى، يتّصل بطريقة في التفكير والسلوك السياسيّين سيطرت لسنوات على أجزاء واسعة من العالم العربيّ، لا سيّما منه منطقة المشرق. أمّا الحصاد البائس الذي كشفه اندلاع الانتفاضة التي انطلقت من درعا، والتي يتوقّف عندها سرد الكتاب،...