كان الوَضعُ الطَّبيعيُّ لِوجودِ سُلطَةٍ مُستَبِدَّةٍ أَن تَظهَرَ في المَوروثِ الثَّقافيِّ الرَّغبَةُ في الانعِزالِ والبُعدِ عَن السُّلطَةِ وعَدَمِ التَّعامُلِ مَعَها، والصَّبرُ، والتَّوَاكُلِيَّةُ، وغَيرُها مِن القِيَمِ السَّلبِيَّةِ، وقَد تَجَلَّت هَذِه القِيَمُ السَّلبيَّةُ في الموروثِ الثَّقافيِّ بأَشكالِهِ المختَلِفَةِ، مِن: أَمثالٍ شَعبيَّةٍ، والأَدَبِ الشَّعبيِّ، والموَّالِ، والشِّعرِ، والبُكائِيَّاتِ، والسُّخرِيَةِ، والتَّهَكُّمِ. وقَد أَدَّى هَذا الموروثُ الثَّقافيُّ إلى تَهيِئَةِ الجَماهيرِ لِقبولِ الاستِبدادِ والتَّعايُشِ مَعَه. وقَد رَسَّخَ هَذا الموروثُ الثَّقافيُّ طابَعَ القَهْرِ والتَّسَلُّطِ في البِنيَةِ الاجتِماعِيَّةِ؛ حَيثُ ساهَمَ في خَلْقِ المجتَمَعِ التَّسَلُّطيِّ الأَبَويِّ، وتَأصَّلَت في الأَفرادِ مَجموعَةُ القِيَمِ الَّتي...